بولس الرسول بين الفكر المسيحي وتفاسير المسلمين
( دراسة وصفية تحليلية مقارنة )
للطالب نورالدين حريدي
ألف
تمهيد المشرفة
دراسة دور بولس في المسيحية دراسة اساسية لفهم معالم مسيحية اليوم وكتابات المسلمين القليلة حول هذه الشخصية هي اكوام من الشتائم مع قليل من المعرفة الحيادية ويمكن تصنيفها تحت ما سماه البيروني رحمه الله :تهافت الهمم و غلبة الهرش .
في تراثنا الاسلامي القاعدة العقدية في باب التكفير:ناقل الكفر ليس بكافر
ولاشك ان النقل يجب ان يكون امينا خصوصا في مشروع بناء معرفة موضوعية حيادية مما عند الآخر بقواعد البيروني:
غير باهت على الخصم و لا متحرج عن حكاية كلامه
دون ان يعني ذلك الاستغراق في الحيادية حتى تضيع قواعد الحق و الباطل لذلك ركز البيروني على:
أباين الحق و استفظع سماعه عند أهله فهو اعتقاده و هو ابصر به
في الاديان هناك حرص مضاعف لعارض معتقدات المخالفين خصوصا اذا كان الفيصل حاسما بين الحق و الباطل و الولاء و البراء
من اجل التغلب على هذه المعيقات الذاتية و الموضوعية يجب ان يكون الهدف من دراسة معتقدات الآخر بمشرط خاص و صلابة رؤية و دقة ملاحظة ضمن ما ححده البيروني مثلا في :
1نصرة لمن أراد مناقضتهم
2 ذخيرة لمن رام مخالطتهم
في القرآن الكريم :
لتعارفوا من الآية 13 من سورة الحجرات
يضاف الى هذا مسألة غاية في الدقة و الخطورة وهي ان الرسول عليه الصلاة و السلام عندما بعث بالرسالة الخاتمة وجد المسيحية و قد شربت دماء بولس العقدية و الفكرية و تقريبا اكتمل اللاهوت المسيحي و حددت الكتب القانونية يعني ان أهل الذمة و النصارى الذين كانوا متواجدين رسميا هم اتباع هذه المسيحية الجديدة دون ان يعني هذا غياب كلي للمذاهب المسيحية المعارضة لهذه النسخة من المسيحية خصوصا فيما يتعلق بصلب المعتقدات والتشريعات
في قاموس الكتاب المقدس تكرر اسم بولس حسب خاصية البحث 504مرة
وتكرر اسم يسوع 401 مرة
13/27 من اجزاء العهد الجديد ينسبها بعض المسيحيين لبولس الذي الحقت به صفة الرسولية بعيدا عن المعنى التقليدي للمصطلح في العقائد المسيحية Les douze Apôtres التاريخيين وطبعا ليس بينهم بولس علما ان صفة الرسولية هذه ستعطى ايضا لشخصيات اخرى (اشكالية ترجمة نبي ورسول بين الاسلام و اليهودية و المسيحية)
ومن غير التسرع في الاحكام هذا مؤشر فقط والا فان تكرار اللفظة ليس دليل اهمية :الشيطان و اليه//ود في القرآن الكريم نموذجان لكن بالنسبة للعهد الجديد فالامر له علاقة وثيقة باعتباره حياة المسيح (ما يعادل كتب الاحاديث و السيرة كما رأى بعض علماء المسلمين :تخيل ان لا يكون اسم النبي محمد عليه الصلاة و السلام هو الغالب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟).
بولس الطرسوسي أو بواس الرسول شخصية احتلت المرتبة الثانية من حيث الاهمية في تاريخ المسيحية و هو لم يلتق المسيح عليه السلام و لم يكن من الدائرة المقربة منه وكان من الفريسييين المعادين للمسيحية و لم يتأخر في اضطهاد المسيحيين و ملاحقتهم لتسليمهم لآلة التعذيب و القتل .
كان يهوديا فريسيا وكان ايضا مواطنا رومانيا مما سمح له بالتجول في خارج فلسطين من غير قيود و يقوم بالتبشير حتى لقبه المسيحيون رسول الامم
كل الفرق المسيحية تعتمد على اللاهوت الذي اسسه بولس الرسول بتفسير و تأويل آيات العهد الجديد المرتبطة بذلك و التي جاءت تحت مظلة بولس.
في الفضاء الاسلامي يرتاح بعض المسلمين في تكرار فكرة ان ما فعله بولس هو مؤامرة يه//ودية على المسيحية الحقيقية
الفرق بين المسلمين و اليه//ود هو ان المسلمين يؤمنون بمسيح أرسله الله عزوجل مكللا بمعجزة الولادة البتولية كما يعتقد المسيحيون و يكذبهم اليه//ود و في القرآن الكريم تنزيه لأم المسيح من الفاحشة و تنزيه للمسيح من ادعاء الالوهية
اذن
القرآن الكريم أشار الى مسائل مركزية في المسيحية :خصوصا الولادة الاعجازية و الوحدانية
من أجل الربط بين مسيحية بولس و مسيحية القرآن الكريم لابد من مشروع بحثي صلب و دقيق وصحيح (هذه العبارة تعني صحة نقل الكفر وليس صحة المعتقد)
في هذا المشروع يجب :
أولا :تقديم دور بولس في المسيحية بطريقة مركزة و علمية
ثانيا:رصد الكتابات الاسلامية حول هذه الشخصية ودورها
عن اولا :الرجوع الى مصادرهم اولا و الى المصادر التحليلية النقدية المتخصصة من غير الاتباع و خصومهم
عن ثانيا :يجب البداية من القرآن الكريم الذي نزل على النبي محمد بعد قرون من تحولات المسيحية و قد نبه القرآن الى الانقلاب على المسيحية التي يؤمن بها المسلمون
السؤال:في القرآن الكريم ليس هناك ذكر لبولس رغم الاشارة المركزة و الواضحة للتحريف فاين نجد الاجتهاد في الربط بين النص المعصوم الذي يجمل القول؟
نجده طبعا في التفاسير
لوكانت المذكرة دكتوراه دولة لكان علينا رصد بولس في التفاسير و في كتب التاريخ و مدونان علم الكلام و الجدل الديني و حتى في علوم اخرى كالفلسفة وغيرها ليكون المسح و الرصد شاملين خصوصا مع دقة عمل الجزء الاول من المشروع وهو الحصر المنهجي و العلمي لدور بولس في المسيحية
ولأن المذكرة تحت سقف الماستر لا يمكن الا البداية بالتفاسير باعتبار القرآن الكريم مصدر اليقين و العلم الكامل
وكان اساتذة اللجنة مصرين على تبيان ان ذكر بولس في التفاسير يحتاج الى قراءة كل التفاسير كلمة كلمة فربما المفسر استطرد في الحديث عن بولس فس غير الايات التي اتفق عليها معظم المفسرين انه تشير الى بولس؟
النقاش كان راقيا و “سماويا”
الاجابة لنثبت ان المفسرين لم ينتبهوا الى هذه الشخصية التي يعدها بعض الدارسين المؤسس الحقيقي للمسيحية لابد من مسح افقي
اي اننا لنثبت ان أميمة ليست في المنزل علينا ان نبحث عنها في كل الغرف و تحت الاسرة و في الخزانات وربما حتى في الثلاجة
بتعبير علمي على الباحث اثبات أمرين:
1-كل التفاسير تتحدث عن النصرانية و المسيح وكان ذلك في قرون اكتملت النصرانية بنسختها البولسية ولكن المفروض ان يعلم العلماء هذه الحقيقة
2 بوابة المفسرين لأديان الآخر كانت الاسرائليات و النصرانيات
كل هذا كان على الطالب نورالدين حريدي مواجهته
وسنعرض لاحقا كيف صنع سفينته
باء
اجتهد الطالب نورالدين حريدي لتقديم شخصية بولس الرسول كما حددتها المصادر المسيحية مع اشارات دقيقة لما يحاط بهذه الشخصية من تساؤلات و أسئلة .
كانت معالم بحث الطالب كالتالي:
إشكالية البحث:
تتمحور حول ماهي صورة بولس الرسول في التراث المسيحي باعتباره الشخصية المرجعية الثانية في بناء الفكر المسيحي، وكيف تناولت تفاسير القرآن الكريم الشخصية المسيحية المركزية في المسيحية بولس الرسول، وأين تم التعرض لها في مواقع الآيات القرآنية، وما هي مصادر المفسرين في ذكرها؟.
تاء
الفرضيات:
في البحث محاولة علمية لاختبار بعض الفرضيات المرتبطة بإشكالية موضوع البحث، وهذه الفرضيات هي:
الفرضية الأولى:
المسيحيون وضعوا بولس الرسول في مقام مركزي لحاجتهم لقائد ديني يقرب لهم فهم الدين الجديد المضطهد من اليهود و من الرومان خصوصا بعد الارتباك الذي حدث عند ما يسميه المسيحيون صلب المسيح و هي ركن اساسي في البناء العقدي المسيحي اليوم .
الفرضية الثانية:
المسلمون انتبهوا الى اهمية بولس الرسول في التاريخ المسيحي فذكروه وفق المصادر المتاحة لديهم.
الفرضية الثالثة:
المسيحيون لم يكونوا اوفياء لرسالة المسيح، بدليل التغييرات التي أدخلها بولس على المسيحية واعتمدتها كل الفرق بعده.
الفرضية الرابعة:
المسلمون لم يبذلوا جهدا في الاطلاع على المصادر المسيحية واعتمدوا على الإسرائيليات أو النصرانيات واكتفوا عموما بصورة القرآن الكريم المجملة حول تحريف المسيحية :كلها او بعضها
ثاء
أهمية البحث:
- تكمن اهمية البحث في دراسة مدى المعرفة الموضوعية للمفسرين بشخصية بمثل اهمية و خطورة بولس الرسول.
- معرفة دور بولس الرسول في بلورة الفكر المسيحي، وتأسيسه للقواعد المسيحية.
- تتبع منهجية علماء المسلمين و المفسرين خصوصا في تتبع خصائص الاديان ومدى اطلاعهم على الجدل الداخلي داخل الاديان التي يدرسونها.
ثاء
منهج البحث:
غالب البحث اعتمد على المنهج الوصفي التحليلي النقدي مع تباين في استخدام آلياته و ادواته التفصيلية.
جيم
في تحليل المصادر و المراجع المتوفرة و التي اطلع عليه لاحظ أن:
- المغالاة في الحديث عن هذه الشخصية إما بالإفراط أو التفريط.
- التركيز على الرأي الواحد اتجاه هذه الشخصية، دون ذكر الآراء الأخرى حوله.
- عدم التدقيق والتحري من صحة المعلومات.
- سيطرة الجوانب العقدية في تقديس الشخصية أو تدنيسها.
- الاستعانة بمراجع ذات الرأي الواحد اتجاه هذه الشخصية.
حاء
المقدمة: تقديم الموضوع و عناصره.
الفصل الأول: في أربعة مباحث.
وهذه المباحث هي:
1مصادر معرفة شخصية بولس الرسول التاريخية والفكرية
2 نماذج من تفاسير المسيحيين لرسائله،باختيار نموذجين لكل مذهب واختيار اهم الرسائل
3تحليل شخصيته و ابعادها
4 ثم أثر بولس على الفكر المسيحي.
الفصل الثاني: في أربعة مباحث.
هذا الجزء مهم جدا لأن مسار الدراسة لم يسمح للطلبة بالتعمق في هذا العلم مما اضطره الى العودة الى تفاصيل المقياس عبر المصادر و المراجع كما تجدر الاشارة الى ان الكثير من المفسرين كانوا متخصصين في اكثر من علم لكن يبقى التفسير ٍراس القائمة
1 المبحث الأول تاريخ التفسير ومدارسه،.
2 المبحث الثاني. التعريف بالتفاسير التي ذكرت بولس.يجب ان تكون العينات متنوعة باعتبار القرآن الكريم اشار بوضوح الى تحريف رسالة المسيح عليه السلام و عند نزول القرآن الكريم و في ازمنة تأليف التفاسير كان العالم كله يعلم بدور بولس في تقديم صورة مغايرة لمسيحية المسيح عليه السلام بتبريرات تقديسية في الفضاء المسيحي الرسمي و باتهامات بالتحريف لدى مسيحيين آخرين و لدى خصوم هذه المسيحية من الاديان الاخرى خصوصا اليه//ودية
3 المبحث الثالث عن بولس الرسول في تفاسير القرآن الكريم.
4 المبحث الرابع المقارنة بين الرواية المسيحية الرسمية ورواية المفسرين.
الخاتمة:نتائج البحث و الاجابة على الفرضيات و تقديم توصيات .
خاء
الفرضية الأولى:
المسيحيون وضعوا بولس الرسول في مقام مركزي خصوا بعد الظروف الخاصة لما سمي صلب المسيح في اجواء مره//بة و اضطهاد المسيحيين من الحكم السياسي المتمثل في الامبراطورية الرومانية و من اليه//ود وبعد هروب بعض المسيحيين خارج فلسطين و بداية انتشار المسيحية خارج فلسطين كان بولس المواطن الرواني رسميا اقدر على الحركة و السفر و كان يقدم الحلول للنوازل التي يفرضها الوضع الجديد كما ان البعض رأى انه أعطى الأحقية الدينية للأمم الأخرى الهيلينية غير اليهودية (خلفية بولس اليونانية فكريا ايضا)، مما ساهم في تلبية حاجاتهم الفكرية وتوسيع دائرته الدينية واستفزاز اليهود الرافضين للمسيحية
الفرضية الثانية:
المسلمون انتبهوا الى اهمية النسخة الجديدة للمسيحية و ادركوا خطورتها على نصاعة المسيحية كما ذكرتها آيات القرآن الكريم لكنهم لم يركزوا على تفسير تلك الآيات بالبحث عن واقعها خصوصا وان مهد المسيحية وخريطة انتشارها الاول يقع ضمن حدود دولة الاسلام
ورغم وجود قاعدة شريعة من قبلنا التي تقتضي الاهتمام الدقيق بما عندهم
ورغم وجود احكام اهل الذمة التي تقتضي ايضا معرفة ما عندهم خصوصوا عند المصاهرة
الفرضية الثالثة:
المسيحيون لم يكونوا اوفياء لرسالة المسيح، بدليل التغييرات التي أدخلها بولس على المسيحية واعتمدتها كل الفرق بعده.
انقسمت الكرازة المسيحية الى فصل خاص باليهود و فصل خاص بغير اليهود الذين سيكون الاغلبية و التي تكفل بالتأسيس لهذا الفصل بولس .
الفرضية الرابعة:
المسلمون لم يبذلوا جهدا في الاطلاع على المصادر المسيحية واعتمدوا على الإسرائيليات أو النصرانيات.
لم يلتزموا بمناهجهم التفسيرية التي وضعوها اتجاه الإسرائيليات، وقبلوا بروايات لم ترتبط بمصادر المسيحية كما هي (بتحريفها و مابقي بعيدا عن التحريف وبعض نلك الروايات لا يقبلها العقل السليم ولا الدين المستقيم
اغلب مصادر المفسرين هم المهتدون من أهل الكتاب و الروايات المجهولة باستثناء الشيخ الطاهر بن عاشور الذي رجع الى بعض مصادر المسيحيين.
د
من التوصيات
أهم التوصيات :
1التأسيس لبحوث متينة تتحرى الدقة و الموضوعية :عرضا و تحليلا و نقدا داخليا و نقدا خارجيا مع توضيح الحدود بين كل منحى
2 ضرورة الرصد المنهجي و العلمي:تحليلا و نقدا و مقارنة بين الرواية الاسلامية اليقينية الصادقة التي يسلم بها المسلمون و الرواية التاريخية و الواقعية للمسيحية و غيرها من الاديان بالتنزيه المطلق للقرآن الكريم عن المقارنة ولكن بعرض ما عند الآخر مفصلا ثم يحكم عليه القرآن الكريم و هذا غير ملزم لغير المسلم ولكنه ضروري للباحث المسلم مع تأكيد صحة النقل عن الكافر مع الاحتفاظ بالمساحة العقدية الفاصلة بين الحق و الباطل