مقاربة الدراسة النقدية للاستشراق :درس تطبيقي
اجتهادات علماء المسلمين في تكوين نظرة متوازنة ازاء تراث المستشرقين حققت تقدما طيبا
ولكنها لا تستقطب من تعود على كتابات الشتم المطلق و التبجيل المطلق
والكتابات الاخيرة لا تتطلب قراءة بل رجع صدى السعادة في تحقيق انتصارات وهمية
كتابات النظرة المتوازنة جاءت بعد مرحلة ارتباك
وهي اضافة لأقليتها مهمشة وسط اغراق الكتابات اللامنهجية
درس تطبيقي :
أولا
يرى أحد الباحثين المسلمين
وملاحظاته منقولة في أكثر من مرجع ودراسة:
من أهم ما تنتقد به مناهج المستشرقين :
1-افتقارها لعنصر الايمان بالله
2-افتقارها لاحترام المصدر الغيبي في الاسلام
3-اافتقارها لموقف موضوعي خال من الاحكام المسبقة .
الرد على الملاحظات :
1-الايمان بالله ليس حكرا على المسلمين رغم اختلاف مباحث الالوهية بين مختلف الأديان كما أن هناك اشكال أخرى للايمان بخالق للكون .
2-احترام المصدر الغيبي :لو اعتقد المستشرق بمصدر الاسلام لكان أو أصبح مسلما .
3-الاحكام المسبقة هي فعلا مقياس لاتجاهات كتابات المستشرقين وهي منافية للموضوعية في أبسط شروطها
دراسات المستشرقين تقوم اساسا على اعتبار الدين الاسلامي دينا بشريا لدى طائفة منهم
ودينا مركبا من اليهودية أو المسيحية أو الأديان اللآسياوية أو منها جميعا لدى طوائف أخرى .
4-ما يسميه الباحث المسلم احكاما مسبقة قد يكون التنكر الكامل للمصدر الالهي أو مجرد اعتماد مصادر “غير قانونية” أو انتقاد ما يعتبره المسلم يقينا مطلقا بعيدا عن أي بوابة لمدخل النقد .
ثانيا
ويرى باحث آخر أن:
المنهج التاريخي الذي يطبقه المستشرقون لا يليق بالدين الاسلامي ويضع عناصر المنهج التاريخي في:
1-جمع وقائع تاريخية
2-جمع وقائع اجتماعية
3-ترتيب الوقائع و الاحداث
4-الربط بين الدين و البيئة أي المؤثرات الخارجية
5-هذه العناصر طبقت على اليهودية و المسيحية وبالتالي حسب الباحث لا تطبق على الاسلام
الرد
1-ليس كل من كتب نقدا في الفكر اليهودي و الفكر المسيحي من اليهود أو المسيحيين كان كافرا بهما .
لأن التاريخ الفكري لأي دين يتكون من :الثوابت و المتغيرات بل حتى الثوابت مع القراءات المتعددة لها تقترب احيانا من المتغيرات في جانب كبير منها .
2-جمع وقائع التاريخ :عمل علمي له أساسيات موضوعية يشترك فيها كل الباحثين و تبقى العلوم الانسانية و الاجتماعية نسبية.
3-عندما يتناول المستشرق قضايا شائكة في التاريخ الاسلامي :مثال :جمع القرآن الكريم أو واقعة الجمل أو معركة صفين
على الباحث المسلم تتبع خطوات عمل المستشرق من الناحية العلمية و المنهجية البحتة و التي هي واحدة :
اعتماد المصادر بمختلف انواعها و عدم الجزم بيقينيتها .
في حالة جمع القرآن الكريم :
المستشرق كما الباحث المسلم يعتمدان على المصادر الاسلامية المعتمدة
ويبدأ الاختلاف :
في الدائرة الاسلامية قد نجد بعض الاختلافات التفصيلية داخل التنوع المذهبي الاسلامي دون ان يمس ذلك عصمة القرآن الكريم
في الدائرة الاستشراقية :لن يكتفي المستشرق بما هو متفق عليه في الدائرة الاسلامية و الا اصبح مسلما لان حدود تلك الدائرة يخطها الايمان بمصدر القرآن الذي يحفظه
إِنَّانَحْنُ نَزَّلْنَاالذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
لكن المستشرق قد يشكك فيما يسميه الروايات الرسمية
وقد يفضل الروايات الشاذة
ويبحث عما يساعده على تأكيد بشرية القرآن
والباحث المسلم يٌلزمه ب :
المصادر الاسلامية
وهنا المستشرق يختلف مع المسلم في وضع الاعتبار العقدي مقياسا وفيصلا
ويبقى على المسلم التحقق من كون المصادر المعتمدة هي فعلا في تراثنا سواء تلك المعتمدة أو المهمشة و المرفوضة
و الصراط المنهجي الصعب هو مستوى الشد بين الديني و العلمي
لا نخجل كمسلمين في البحث العلمي الاعتراف بأن هناك محاذير و حدود يفرضها علينا ايماننا و يقيننا
حتى و ان خالفت ظاهريا المنهج العلمي البشري النسبي
ومن حق المستشرق رفض التزامنا الديني
4-من الفهم السيء الدارج بين بعض الباحثين المسلمين اعتبار الأخذ بعين الاعتبار البيئة في تكوين عناصر الفكر الاسلامي بمختلف فرروعه مدخلا لشيطان التفاصيل المنهجية التي ستجرد الاسلام من مصدره الالهي
الاغراق في وضع المتاريس خوفا من هذا الانزلاق أدى الى تشوه منهجي كبير
البيئة و المحيط الخارجي جزء من تكوين العالم الفقيه و عالم الكلام و التصوف و الجدل الديني
لأن الدين واحد و فهمه متعدد ضمن ضوابط حددها علماء الاسلام
وحددها قبل ذلك القرآن الكريم و السنة الشريفة
عندنا قرآن مكي و قرآن مدني
عندنا أسباب النزول
عندنا العرف و اديان من قبلنا اذا لم تتعارض مع صحيح النص
وعندنا فقهان للشافعي
وعندنا نوازل مرتبطة ببيئات مختلفة
وعندنا اسئلة اتباع اديان دخلوا الاسلام بخلفياتهم و ارتبكوا فسألوا
وعندنا باحثون عن نور الاسلام يسألون قبل ان يقررون
وعندنا تصوف انفتح على تجارب روحية عالمية
وعندنا هجوم على الاسلام في بيئات مختلفة و باسلحة مختلفة يتصدى لها المسلم بما توفر لديه من اسلحة علمية و منهجية
الاسلام ليس ألواح قوانين تحفظ ولكن منهج حياة يتفاعل المؤمن به مع بيئته و ينتج علما و تفاصيل حياة تحاول بأقصى قدراتها البشرية تمثل رسالة عبادة الله في أوسع معانيها .
يتبع