القراءة المنهجية التفكيكية لكتابات اسماعيل الفاروقي رحمه الله ج40 والأخير
الجزء الاربعون
الجملة الورشية 38
يقول د م ح خ :
يذكر الفاروقي أنه على الرغم من وجود عدة محاولات لاهوتية مسيحية للدراسة المقارنة للاديان فانه لايوجد حتى الآن ما يسميه الفاروقي :الماوراء الدين الناقد critical meta-religion ومن اهم بنود هذا الفكر الديني الماورائي الناقد ان الاختلافات بين الاديان تنتمي الى السطح بينما تشير وجوه الاتفاق العامة بين الاديان الى الجوهر و هي قاعدة مهمة في بناء هذا المبدأ أو الفكر الديني الماورائي عند الفاروقي ا.ه
نوافذ لإجابات محتملة
1.38 جوهر الاسلام كما بين الفاروقي في مؤلفاته هو التوحيد و التوحيد عند المسيحيين يختلف عن التوحيد الاسلامي و جوهر اللاهوت الهندوسي في تناقض واضح مع جوهر التوحيد الاسلامي و كذا الامر مع الاديان غير السماوية المنتشرة على سطح الكرة الارضية فكيف يكون التوفيق بين هذا التشخيص و فكرة الفاروق عن الاتفاق
2.38 علماء الاديان ليسوا كلهم مسيحيين بما في ذلك في الولايات المتحدة :هناك اليهود والبوذيون و الهندوس و التابعين لمختلف المعتقدات القديمة و الحديثة (المورمون و الاحمدية مثلا)و اللادينيين و الملحدين و غيرهم من اصناف الموقف من التدين و الدين والتي تتنوع و تتمدد بسبب العجز عن الاجماع على تعريف موحد للدين نفسه
3.38من اهم شروط الدراسة الموضوعية و الحيادية للأديان حسب ابجديات التعريف هو ان يكون الدارس على مسافة واحدة من كل الاديان بل و من نقيض الاديان ايضا وصعوبة هذا الشرط تنتمي الى دائرة اسباب نسبية العلوم الاجتماعية
4.38 الاختلافات بين الاديان لا تنتمي الى السطح بل الى الجذور و هو ما انتبه اليه من عملوا على ورشات و لقاءات حوار الاديان (من غير اصحاب الاجندات السياسية ) فأصبحوا يتحدثون عن مشاريع مشتركة محددة دون التطرق الى اصول الاديان و ركائزها يذكر البعض ان بعض مناطق الولايات المتحدة التي كانت تشهد انتشار العنف و الجرائم و الانحرافات اجتمع القائمون على الاديان ودور العبادة فيها و اتفقوا على برامج تطبيقية لاسترجاع الشباب المنحرف و يمكن ايضا ادراج مشروع Hans KUNG كمثال خصوصا مع أزمته العميقة جدا هو عالم الدين و رجل الدين الكاثوليكي و بعض مشاكله “العقدية ” مع الفاتيكان .
5.38 سأل يوما أحد الباحثين الشباب عن غياب الحديث عن التنوع المذهبي في مركز الفكر الاسلامي الذي كان الفاروقي أحد أعمدته
خصوصا مع استحضار تجربة في الفضاء السني مع الشيخ الغزالي و دستور الوحدة و غيرها من مؤلفاته و محاضراته التي نبهت الى ضرورة الحوار البيني في العالم الاسلامي وفق ضوابط يشرف عليها علماء الدين
6.38 يقول د م ح خ على لسان الفاروقي :أن كل دين مبني على اساس من وحي الهي ا.ه
هذا الشرط يجعل المقارنة اضطرارية بين تلقي الاشراقة عند بوذا و النور عند joseph smith مؤسس المورمونية و غيرهما بالاضافة الى كل gourou المقدسين و اصحاب الحركات الدينية اليوم التي يملك بعضها ميزانيات دول و انتشار غريب لأفكارهم القائمة على تلقي الوحي من رب الارباب مع منافسة شرسة مع الاديان التقليدية مع تنبيه اضافة الى تحول بعضها الى جماعات ضغط يحسب لها الف حساب
7.38 يوضح د م ح خ ان فكرة الفاروقي تعتمد على اليقين القرآني الذي يبين ان كل المجتمعات كان لها حظ من كرم النبوة الالهي ا.ه
و اذا كان هذا الامر حقيقة قرآنية
الآية 36 من سورة النحل
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً
الآية 24 من سورة فاطر
وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ
القرآن ملزم لنا و غير ملزم لغيرنا إلا بما نثبته لهم بجهودنا و نحن ننطلق من يقين لا يتزعزع اذا عجزنا عن ذلك و في مجال الاديان العلوم النظرية و التطبيقية متنوعة و تبقى نتائجها نسبية تختلف بينها من القرب من الاجماع او “الحقيقة” .
8.38 افكار الفاروقي هي أقرب الى كتاب أبي الحسن العامري الإعلام بمناقب الإسلام(انظر : تثبيت اليقين بالمقارنة من خلال الاعلام بمناقب الاسلام)
9.38 انتقل تحليل الفاروقي من مقارنة الاديان الى الدعوة الى الاسلام ليس فقط كفرض عين للمسلم و لكنه اراد فرض رؤيته على مجال البحوث في الاديان اليس هذا سبب من اسباب ما لاحظه د م ح خ من ظلم متخصصي للأديان لجهود الفاروقي (تذكير ايضا برفض بعض متخصصي دراسة الاديان للافكار المطعمة بالانتماء الديني صراحة)
وما فعله ليس خاصا به فقد وقع فيه الكثير من الباحثين من مختلف المشارب بدرجات متفاوتة
10.38 ينقل د م ح خ عن الفاروقي الفقرة التالية التي تؤكد ما سبق :الدين الماورائي في الاسلام دين مؤسسي و ليس نظرية فحسب و ان هذه المؤسسة تم اختبارها و تطبيقها على مدى اربعة عشر قرنا وذلك بنجاح كبير رغم كل المعوقات وهي الوحيدة بين أديان العالم و ايديولوجياته التي كانت من الاتساع القلبي و الروحي و الحرفي لإعطاء البشرية منحة التعددية في الشرائع لحكم نفسها بحسب شرائعها وفق مبادىء دينها الماورائي ا.ه
الاسلام دين الله و المسلمون عباد الله يقتربون ويبتعدون من حقيقة دينهم و التزامات الانتماء اليه و قاعدة الثواب و العقاب مسألة حيوية في عقيدة المسلم ولكن دراسة تاريخ المسلمين لا يصنفهم فوق البشر :نواميس كونية في الاجتماع البشري العدل نموذجا (نصرة الامة العادلة الكافرة)
الغرب من دارسي الاديان المعاصرين و من المستشرقين الكلاسيكيين و الجدد و الجذريين كلهم يدرسون الاسلام و يركزون احيانا كثيرة على التدين للبحث عن الفجوة بين المثالي و الواقعي و انطلاق من التدين يسحب البعض النقد الى قواعد الدين
11.38 من الجمل الموجودة في آخر دراسة د م ح خ جملة تحتاج الى الكثير من التأمل والى الحث على المزيد من البحث و التفكيك خصوصا مع ذكر اسم عبد الله دراز ومساره العلمي المتنوع الذي يحتاج من الدارسين البحث عن الحلقات و ما بينها من دستور الاخلاق في القرآن (تفكيك مقدمة الكتاب مهم جدا) الى بحوث ممهدة الى النبأ العظيم و غيرها
يقول دم ح خ:اذا كان الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز قد افتتح الاسهام الاسلامي الحديث في علم تاريخ الاديان بكتابه المشهور:الدين : بحوث ممهدة في تاريخ الاديان فان اسماعيل الفاروقي اختتم هذا الاسهام بتحديد معالم المنهج في تاريخ الاديان اه
12.38 كلمة ختام يجب ان تقرأ عاطفيا و ليس عقليا و لكن هناك ملاحظة ضرورية تنطبق على الشيخ دراز و الدكتور الفاروقي و حتى د محمد حسن خليفة
والملاحظة :نلاحظ علماء مسلمين يؤسسون للبحوث في مقارنة الاديان و هو مجال صعب و جديد و لا يعطي الشرعية العلمية و الدعوية بين عموم المسلمين و اولي امرهم
ربما لذلك من المحزن ان هذه القلة من العلماء تشتت جهودها في مجالات علمية أخرى عليها اكتظاظ اصلا وأحيانا تقطع الصلة مع مراحل الحماسة و الهمة :علماء و باحثو مقارنة الاديان يحتاجون في اعمالهم الى جهود مضنية لإخراج ثمرات قليلة عكس المجالات الاخرى ………
الله المستعان