سيجارة ابن باديس رؤية مختلفة ج1
على قدر شناعة المنظر بالنسبة لمن يعرف جهود الرجل على قدر ماكان المنظر مهما للتأمل الحقيقي:
1-إذا كان المراهقون لا يعرفون الرجل رغم كل الضجيج المثار حوله منذ سنين إلى درجة أن بعض الكتابات تنسب للجمعية تفجير الثورة التحريرية. فهذا دليل على أن ابن باديس لم يكن إلا سجلا تجاريا لبقالات الغنائم الدنيوية رغم أن أهم صفات ابن باديس الزهد في الدنيا و إذا تحدث الأوفياء فستكون فرصة لرد الاعتبار الحقيقي للرجل.
2-تجرؤ المراهقين يشبه من وجه تجرؤ الأحفاد مع جد متسامح أو مغلوب على أمره و رغم سوء الخلق هذا إلا أن التعامل الإنساني مع الرمز اسقط عنه تبعات الصنمية التي حولته إلى كينونة معصومة لا تقارب إنسانيا و لا علميا بل يطاف حوله بمواضيع تبجيلية و ابتهالات خارج التاريخ .
3-ابن باديس في ذلك المنظر المأساوي أصبح إنسانا واقعيا و ليس بنكا لسحب أرصدة لم تخدم مشروع الرجل بتحيينها مع تحديات الحاضر .
في تسعينات القرن الماضي شنت حملة حول موقف جمعية العلماء المسلمين من الثورة على الاستعمار خلال كل مسارها و ساهم فيها بعض المؤرخين و وبعض المتحاملين و فتحت ملفات و قرئت مصادر و مراجع و لم يظهر لأبناء جمعية العلماء صوت قوي أمام الأصوات المتعالية و قدر الله أن أبحث في ظرف قياسي عن بعض أبناء الجمعية للرد على تلك الهجومات .
فكان اللقاء مع الأساتذة :الشيخ حمزة بوكوشة و الشيخ بن عتيق و الشيخ محمد الصالح رمضان.
كانت اللقاءات في بيت كل واحد منهم و الملاحظات الهامة:
1-كرم و حسن ضيافة كل واحد منهم .
2-كبر السن لم يقض على الذاكرة رغم بعض التعب الطبيعي.
3-كانوا يجيبون بصراحة كبيرة و حول الأسئلة الحرجة التي كانت في جعبتي كانت ردودهم واضحة و صادمة و غير منتظرة لصدقها و تلقائيتها و بعد تجميع المعلومات من الأطراف الثلاثة تبين لي أن نشر تلك المعلومات يزيد الزيت على النار و لا يخدم الجمعية المثخنة بالهجمات و التي كان بعضها علميا و حياديا رغم قسوته.
و قررت أن لا أنشر ما اعتقدت أن الأساتذة أسروا به لثقتهم بي لا كصحافية و لكن كمريدة من مريدي الشيخ بن باديس.
4-بقراءة تراث الجمعية يستطيع من يبحث عن تضخيم لدورها على حساب مكونات الحركة الإنسانية الجزائرية أن يفصل من قماشة التاريخ تلك أثوابا متنوعة فضفاضة ولكن المهم جدا أيضا أن هناك مادة بأقلام أبناء الجمعية تجعل من مفهوم الوطنية ضمن فلسفة خاصة بالجمعية لا يمكن مقارنتها بالمعجم السياسي لدى فصائل أساسية في الخريطة السياسية الجزائرية آنذاك بل الدراسة الموضوعية تبين أن هناك تناقضا ظاهرا.
5 -الملتقيات و الندوات التي تقام للاحتفاء بالجمعية و ابن باديس تشبه سوقا لقصائد المدح رغم تطعيم المعلقات تلك بالمعلومات و التواريخ و الجهود الحقيقية التي قامت بها الجمعية اضافة الى فصلها عما كان يحدث و بتحصينها ضد التحليل الموضوعي.
6-ابن باديس مثلا نسيج وحده و لموقعته ضمن تاريخ الفكر الإسلامي
يقدم ابن باديس كمفسر بل و كصاحب مدرسة في التفسير:
-فهل شغل ابن باديس نفسه بتقديم تفسير كما كان يفعل علماء القرن العشرين لأن القول السابق يقتضي مقارنة تفسير ابن باديس بتفسير المنار أو تفسير التحرير و التنوير و غيرهما و هنا نجعل تفسير بن باديس محل “استهزاء” ؟؟؟
الأهم أن نقدم تفسير ابن باديس كتجربة واقعية لتبسيط آيات القرآن للمسلمين في زمن استشرى الجهل فيه و استفحلت الأمية و ارتبكت المنظومة الأخلاقية فكان التفسير عمودا من أعمدة مشروع ابن باديس لمحاربة موت المجتمع.
يقدم ابن باديس كمجدد لغوي و كمجتهد في علوم الحديث و كأصولي و ربما سنصل إلى مباحث للإعجاز العلمي و غاب في كل هذا المزاد الحديث الواقعي عن ابن باديس الذي لم يكتب كمعاصريه من الشيخ أبو زهرة و عبدالله دراز و محمد عبده و رشيد رضا و بن عاشور و غيرهم من علمائنا الذين اثروا المكتبات بمؤلفات وفق منهجية محكمة و تأصيل و اجتهاد قويين أما ابن باديس الذي كان متفوقا في دراسته و يملك المواهب التي حباه الله بها والتي تؤهله ليكون متفرغا للتدريس في الحجاز أو الزيتونة و هو الغني و المحمي من أسرته القوية آنذاك.
لكنه فضل أن يكون مربيا بالمفهوم الأعمق للكلمة يجتهد في تمرين الأيادي على الكتابة و العقول على التفكير و القلوب على حرب الجهل و تبعاته يسافر هو الشاب المدلل عبر المسافات الطويلة وحيدا ليغرس شجرة في مناطق القحط العلمي .
هل كان ابن باديس بهذا أقوي من أولئك و أفضل منهم ؟
هل كان أقل منهم ؟؟
لا لا لا و مليون لا
تلك قوالب اجتهادية و مدارس في سد الثغرات و هو اختار الطريقة التي يسد الثغور المكشوفة في بلده مضحيا بالكثير من مغانم الدنيا و هي ذي ميزته الرئيسية التي عجز المتحدثون عنه على غرسها في جيل السيجارة الالكترونية بل و في أجيال قبله.
لم يكن أقل من أولئك و لا أكبر منهم.
لهم طريق و له طريقة .
قبل فاجعة تمثال السيجارة قال تلميذ يوما لأستاذته التي تردد دوما :لقد حارب ابن باديس الاستعمار بقلمه.
:يا معلمتي لقد كان الاستعمار يستعمل الجيوش و الأسلحة الفتاكة فكيف يخرج عليهم ابن باديس بالقلم؟؟
أليست هذه صورة كاريكاتورية أيضا ؟؟؟
المتاجرون بابن باديس يقدمون جهوده بعيدا عن جهود الزوايا و المدارس الحرة و مدارس الأحزاب الوطنية .
و يقدمون جهوده بعيدا عن الحركة الوطنية و يقطعون الجمعية عن امتداداتها الواقعية و صراعها مع أطياف الحركة الوطنية مع ما صحب ذلك من أخطاء فادحة جدا من كل الأطراف بما فيها اجتهادات الجمعية و اجتهادات شيخنا المربي الصادق .
سيجارة التمثال ليست هي أقصى ما تعرضت له ذكرى ابن باديس
إن أكبر جريمة في حقه هذه الروح الاسمنتية التي تنبعث من الحروف المبجلة إلى حد العصمة و استغفر الله الـتأليه.
التاريخ المكتوب فيه نقد موضوعي للتخبط السياسي للجمعية
وفيه اعتراف لها بالتمسك بالجزائر المسلمة
وفيه استهزاء و طعن في الجمعية
مريدو الجمعية يكادون يصلون لما ذكر في صحيح البخاري
صحيح البخاري :كتاب تفسير القرآن .سورة نوح
عن الأصنام ود و يغوث و يعوق
“أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا و سموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى هلك أولئك و تتسخ العلم عبدت”
أكبر جريمة في حق العلم أن لا يقرأ الباحثون تراث الجمعية إلا منتقى و من خلال إحالات المريدين الذين جعلوا البعض يعتقد أن الشيخ ابن باديس و الشيخ الإبراهيمي هما مفجرا الثورة التحريرية1954